الأربعاء، 14 نوفمبر 2012

الحزب الذي لا تغيب عنه الشمس: تحيا سوريا




قد لا تصدّق أن حزباً تمر يوم الجمعة المقبل 80 سنة على تأسيسه في بيروت مازال أحد أقوى الأحزاب بالانتشار الجغرافي في العالم إلى درجة يصعب معها أن تجد دولة تخلو من نشاط حزبي يقوم به بعض أفراده المقيمين فيها كمهاجرين، وعددهم عالمياً بمئات الآلاف بلا مبالغة.



إنه "الحزب السوري القومي الاجتماعي" الذي تنشر "العربية نت" بعض المعلومات عنه كخبر بمناسبة تأسيسه كحزب نقيض بعلمانيته الصارمة ونظامه الخاص لجميع الحركات والأحزاب بالعالم العربي، خصوصاً تيارات الإسلاميين.

وأسس الحزب في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1932 في بيروت شاب لبناني جاءها من حيث كان مهاجراً في سان باولو بالبرازيل، وهو أنطون سعادة الذي وُلد في 1904 بمصيف ضهور الشوير في قضاء المتن بمحافظة جبل لبنان، وانتهى في 1949 مرمياً بالرصاص وهو يقول لقاتليه: "شكراً"، بحسب ما يتواترون.
بدلاً من مرحباً وصباح الخير: تحيا سوريا
أعضاؤه تخلوا عن الكثير من التقاليد الموروثة، وأوسعها استخداماً التحيات البديهية المعروفة كلما التقى أحدهم بآخر، كمرحباً أو صباح ومساء الخير وغيرها، واعتمدوا بديلاً عنها عبارة "تحيا سوريا" التي أشاعها الحزب بينهم كتحية تميزهم، وطالما سمعتها بنفسي مرات ومرات في البرازيل بشكل خاص.

وبلاد الاغتراب هي الاحتياط الكمّي الدائم والكبير للحزب القومي، لذلك يبقى على حيويته دائماً، ففيها مناصرون له بالآلاف. أما "سوريا" في الداخل، وفي لبنان بشكل خاص، فرصيده نوعي أهمّه أن معظم مَنْ برز في كافة الحقول بلبنان كان في يوم ما عضواً في الحزب القومي.

وبين من كانوا في الحزب القومي: كمال جنبلاط والرئيس الراحل شارل حلو والشاعر أدونيس ونظيره سعيد عقل والأديب سعيد تقي الدين والصحافي الراحل غسان تويني، وغيرهم ممن تخرجوا في مدرسته وأقسموا له الولاء بقسم صارم أمام الزوبعة، وهي شعاره.
الهلال السوري الخصيب ونجمته قبرص




يوم تاسيس الحزب
ولا تشير كلمة "السوري" في اسمه الى سوريا الحالية التي يطلق عليها الحزب اسم الشام، إنما الى سوريا الطبيعية الممتدة تاريخياً من حدودها الشرقية مع إيران حتى البحر الأبيض المتوسط في الغرب، ومن الحدود شمالاً مع تركيا الى الحدود جنوباً مع قوس "صحراء النفود الكبير" في الجزيرة العربية، وهي المنطقة المعروفة باسم "الهلال الخصيب" أو "الأمة السورية"، كما يسميها الحزب الداعي لإعادة توحيدها.

وتشمل سوريا الطبيعية للحزب القومي: العراق والكويت وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين وجزيرة قبرص وصحراء سيناء، التابعة برأي الحزب لفلسطين أصلاً، إضافة الى شمولها لأجزاء ضمتها تركيا لأراضيها بالاتفاق مع الانتداب الفرنسي، وأهمها لواء الإسكندرون الشهير، وهي ما يسعى لإعادتها موحدة جغرافياً واجتماعياً "كما كانت دائماً عبر التاريخ" الى حين تقسيمها لدول عدة باتفاقية سايكس-بيكو السرية الشهيرة بين الانتدابين الفرنسي والبريطاني.

وللحزب الذي يقع مقرّه الرئيسي في بيروت مع مئات الفروع في معظم دول العالم تقريباً، غاية يلخصها بأنها "بعث نهضة سورية قومية اجتماعية تكفل تحقيق مبادئه وتعيد الى الأمة السورية استقلالاً تاماً وتثبيت سيادتها وإقامة نظام جديد يؤمن مصالحها ويرفع مستوى حياتها"، وهي غاية تعززها 8 مبادئ أساسية و5 إصلاحية للحزب، يمكن التعرف اليها بالبحث عنها في الإنترنت.
كتاب "نشوء الأمم" يخرج من وراء القضبان
لم يتلق سعادة سوى القليل من التعليم بدءاً من 1909 في البلدة التي أبصر فيها النور، ثم أكمل دراسته الثانوية في معهد الفرير بالقاهرة التي لجأ اليها والده الدكتور خليل سعادة، وبعدها عاد الى لبنان ودرس في مدرسة برمانا، وفي 1919 هاجر مع إخوته الى أقارب لهم في الولايات المتحدة، ومنها توجه في 1921 الى البرازيل التي سبقه اليها والده، فاشتغل معه بصحيفتين أسسهما والده في سان باولو حتى عاد في 1930 الى بيروت.

وفي البرازيل درس سعادة بنفسه وأتقن البرتغالية والإنكليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية وبعض الإيطالية، وطالع بها ثقافات وعلوم متنوعة عمّقت من مخزونه في العلم والفكر الإنساني وفي التاريخ والفلسفة والعلوم الاجتماعية وعلوم الإنسان والأدب والسياسة الى حد أثار الدهشة وحمل حتى أعداءه على وصفه بعبقري ونابغة. أما أعضاء الحزب الذين يضعونه في مرتبة التقديس فقبلوا به "زعيم" الحزب الأبدي حتى بعد الممات ووصفوه بما يثير الغيرة والحسد.




وبدأ أنطون سعادة تأسيس "الحزب القومي" بخمسة طلاب في الجامعة الأمريكية ببيروت، فكان سرياً طوال 3 سنوات زمن الانتداب الفرنسي، وفي أوساط الجامعة التي كان يدرس فيها اللغة الألمانية لمن يرغب، فانتشرت دعوته الى المناطق والأرياف في أرجاء سوريا الطبيعية ذلك الزمان، وانتظم فيه المئات بالسر.

ولأن عُمر السر قصير في لبنان، فقد كشفت سلطات الانتداب في 1935 أمر الحزب واعتقلت "الزعيم" وبعض معاونيه، وزجّته 6 أشهر وراء القضبان، وخلالها ألّف كتابه الأول "نشوء الأمم" المعتبر محضن الفكر القومي عند سعادة الذي كان واضحاً منذ البداية في ما يدعو اليه.

كان يدعو إلى سوريا آرام وبابل وسومر وكنعان والحثيين والفينيقيين وغيرهم ممن تعاقبوا عليها بحضارات مميزة عبر آلاف السنين وجعلتها المؤهلة في رأيه لقيادة عالم عربي اعتبر أنه مكون طبيعي من 4 أمم: العربية في الجزيرة العربية، وأمة وادي النيل من مصر والسوان، وأمة دول شمال إفريقيا، إضافة الى الأمة السورية بقيادة حزب أسسه واتهمه أعداؤه بأنه جعله نسخة نازية كارهة لليهود الذين دعا "رجال النهضة القومية" الى طرهم من سوريا.
وعند الفجر رموه بالرصاص قرب شاطئ بيروت
بعد خروجه من السجن أُعادوا اعتقاله في 1936 لإعلانه ما سمّاه قانون الطوارئ الانتدابي "تحدياً للسلطة" وفي السجن كتب كتابه الثاني "شرح المبادئ"، ثم أعادوا اعتقاله من بعدها بعام وهو في طريقه الى دمشق للمشاركة بنشاط حزبي، وبعدها أسس جريدة "النهضة" التي صدرت لعام واحد في بيروت، ثم غادر لبنان في 1938 لتنظيم فروع الحزب في المغتربات، فأسس في البرازيل جريدة "سوريا الجديدة" ثم غادر الى الأرجنتين.

وفي بونس آيرس اضطر سعادة للبقاء مدة الحرب العالمية الثانية لانقطاع خطوط السفر البحري والجوي، فعمل شريكاً مع رفيق في الحزب بالقرطاسية، وأسس جريدة "الزوبعة"، وألّف كتابه "الصراع الفكري في الأدب السوري"، وكتاب آخر بعنوان "الإسلام في رسالتيه: المسيحية والمحمدية"، وتزوج هناك من اللبنانية جولييت المير، فأنجبت له 3 بنات يقمن حالياً في لبنان.

ثم غادر الأرجنتين في 1947 الى لبنان بعد جلاء القوات الفرنسية وخروجها منه ومن سوريا، فاستقبله أكثر من 50 ألفاً من القوميين على المطار، وتم تصوير فيديو لعودته، وهو الذي يظهر فيه سعادة وتبثه "العربية نت" مع هذا التقرير، وفي بيروت أسس جريدة "الجيل الجديد" وعمل على إيجاد مناخ فكري عقائدي انتشر معه الحزب وقويت عزيمته وبدأ يشغل البال الرسمي.


عودة الزعيم انطون سعادة مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي الى الوطن 



ولم يجدوا حلاً لتوسّعه سوى بتدبير خطة أعدتها السلطة اللبنانية في يونيو/حزيران 1949 بالاتفاق مع حزب الكتائب فهاجم عناصر من الكتائب مكاتب "الجيل الجديد" ومطابعها وأشعلوا فيها النار، وتوترت الأوضاع في بيروت، فعمدت السلطة لملاحقة الحزب القومي نفسه، وطاردت سعادة الذي انتقل الى دمشق ليعلن منها في 4 يوليو/تموز ذلك العام "الثورة القومية الاجتماعية الأولى لإسقاط حكم الطغيان والفساد والتزوير في لبنان".

وأحدث إعلانه توترات إقليمية ومخاوف لدى السلطة التي خضعت لضغوط فرنسية، هي ونظيرتها السورية، وأدت بحسني الزعيم الذي كان يتسلم مقاليد الحكم ذلك الوقت في سوريا، الى تسليمه للسلطات اللبنانية في 7 يوليو/تموز ذلك العام، فحاكموه ليلاً "على السريع وكيفما كان" وفي الساعات الأولى من فجر 8 يوليو/تموز نفذوا فيه الإعدام رمياً بالرصاص قرب شاطئ بيروت.
كمال قبيسي

السبت، 22 سبتمبر 2012

«الويمبـي»: مـن هنـا مـرّت المقــاومـة ,«القومي» يحيي الذكرى الثلاثين لعمليّة خالد علوان





نقطة انطلاق
تقدم الشاب خالد علوان، في 24 أيلول 1982، في اتجاه مقهى «الويمبي» على رصيف شارع الحمرا. يجلس في باحته الخارجية أربعة ضباط إسرائيليين. كان يلبس ثياباً مدنية. كأنه يتمشى. أخرج مسدسه فجأة وأطلق النار. أفرغ مخزنه. كان المسدس لقيادي تاريخي في «الحزب السوري القومي الاجتماعي» هو عبدالله سعادة. قتل ضابطاً إسرائيلياً وجرح جنديين اثنين. هرب بعدها عبر شارع عبد العزيز. لم يُعلن ان علوان هو من نفذ عملية «الويمبي» إلا بعد الانسحاب الإسرائيلي من بيروت. هكذا، صارت هذه العملية العسكرية الفردية نقطة انطلاق تاريخية لسلسلة عمليات مشابهة موجهة ضد الاحتلال الإسرائيلي لبيروت، لتصل إلى نحو عملية واحدة كل خمس ساعات.

الرفيق ميشال او خالد علوان
إرتبط اسم الرفيق ميشال أو خالد علوان بشارع الحمرا وبعملية مقهى الويمبي في بيروت التي شكلت بداية زمن المقاومة فكانت عمليته البطولية فاتحة تحرير العاصمة بيروت وصولا الى سلسلة عمليات المقاومة التي أفضت الى تحرير معظم الأراضي اللبنانية في الاعوام القادمة وصولاً الى دحر جيش الاحتلال في أيار من العام 2000 وصولاً الى انتصار المقاومة على آلة الحرب الاسرائيلية في عدوان تموز 2006.
وتبقى المفارقة أن خالد علوان لم يستشهد في اثناء تنفيذه عملية الويمبي، لكنه واصل عمله المقاوم وشارك في عدد من العمليات ضد الاحتلال قبل أن تنال منه رصاصات الداخل على أحد حواجزألحزب ألتقدمي ألاشتراكي 
في منطقة باتر في قضاء الشوف اثناء فترة الحرب اللبنانية.







لم يكن حشد «الحزب السوري القومي الاجتماعي»، في شارع الحمرا أمس، غريباً. لكنه، في غير هذه المناسبة، يكون أقل ظهوراً.

تذكر، أمس، السوريون القوميون عملية «الويمبي» التي نفذها أحد عناصره خالد علوان، في 24 أيلول 1982. أقفلوا، بحشدهم، ساحته المشرفة على تقاطع طرق. تحضر أهل الشارع إلى «يوم الحشد» هذا قبل أسبوع. إذ انتشرت لافتات وصور حزبية. حمل القوميون أعلام حزبهم و«جبهة المقاومة الوطنية». كانوا هادئون.
تحيل هذه الذكرى «إلى أسلوب حياتنا. إلى المقاومة»، كما قال أحد المشاركين. هكذا، في رأيه، انتقل الحزب إلى مستوى آخر من المقاومة. لا يحدد هذا المستوى الجديد. ولا يصفه. لكن كل شيء يهون في سبيل تذكر هذه العملية. يستطرد الرجل في تخيل المشهد. كأنه مستمر. تعني محاولة إعادة الحديث إلى الحاضر، عنده، استطراداً في التذكر والتخيل. والذكرى هذه، في رأي مشارك آخر، «أهم ذكريات الحزب. وجبهة المقاومة الوطنية أيضاً. إذ كان الرفيق خالد علوان أول من نفذ عملية ضد الإسرائيليين في بيروت. نفذها بقرار ذاتي». ليست ذاتية القرار أمراً هيناً في رواية القوميين. تسمعها مراراً. وهم، عطفاً على لافتة معلقة، يرجعون كل شيء إلى «تعاليم سعادة». 
تقول السيدة القومية إنها تحضر الذكرى في كل سنة. تعبر بحضورها عن وفائها لكل المقاومين. «صنع هؤلاء كرامتنا وعزتنا»، وفقها. وهم بين «تحيا سوريا» وأخرى يتحدثون عن «وقفة العز» تلك. ولا يغيب عنهم ذكر مرجعهم. «كما يقول الزعيم». يشير الشاب المشارك إلى اللافتة التي علقت من أجل هذه المناسبة. يقف تحتها الحضور الرسمي. تحمل صورة لعلوان واقتباساً لأنطون سعادة: «قد تسقط أجسادنا أما نفوسنا فقد فرضت حقيقتها على هذا الوجود». يقرأها كأن الكلام ومعناه خلصا من بعدها.
يصف مقدم الاحتفال الحزب بأنه «حزب الدماء التي تلبي النداء». هكذا. و«حزب الفكر والحركة والقوة والفعل» و«حزب الرجال والمواقف». ستبقى فلسطين «شعلة قلوب القوميين». أو قلوبنا. وقلب أول المتحدثين، الأسير المحرر سمير القنطار، الذي وجّه تحية إلى علوان الذي «كان رفيق دربنا في الأسر». وفي سياق انشغاله في الحفاظ على الذاكرة الوطنية وجه تحية إلى «البطل حبيب الشرتوني». 
مثل أبو عماد رامز، من «الجبهة الشعبية- القيادة العامة»، الفصائل الفلسطينية. هكذا، أكد أن قوى المقاومة لا ترى عدواً دائماً لها إلا العدو الإسرائيلي. وليست غير المقاومة من يمكنه أن يعيد الشعب الفلسطيني إلى كامل أرضه.
وتحدث معن بشور باسم القوى الوطنية اللبنانية. رأى في الذكرى ما يتجاوز الوفاء «إلى محاولة الحفاظ على الذاكرة. إذ إن وطناً بلا ذاكرة هو وطن بلا كرامة».
أما عن الحزب القومي فتحدث نائب رئيسه، الأمين توفيق مهنا. أشار أيضاً إلى وقفة العز. «كيف تكون إذا لم تختصرها في العاصمة طلقات مقاوم ضد جنود العدو». لا خيار غير المقاومة، وفقه، أسقط «اتفاقات العار وهزم العدو وحقق التحرير في العام 2000 وأوجد معادلة جديدة في العام 2006 وضعت العدو أمام مأزق وجودي. ماذا قدم خياركم؟».
تبقى سوريا. هذه تتعرض لمؤامرة، على ما أجمعوا. لكنها «في طريقها إلى النصر»، وفق القنطار.
  بتصرف عن مقال عاصم بدر الدين22/09/2012 

السبت، 21 يوليو 2012

مقابلة | حبيب الشرتوني: قضيتي سياسية وليست قضائية




أطلقت مجموعة من الناشطين اللبنانيين حملة «العدالة لحبيب الشرتوني» كي لا تدخل قضيته في طيّ النسيان ويبقى طريداً وملاحقاً في «زمن حماية عملاء إسرائيل والإفراج عنهم بسيارات وزراء وبدعم سياسي وإعلامي وقضائي». هنا حوار مع الشرتوني يتحدث فيه عن الماضي والحاضر والمستقبل


عفيف دياب
حبيب الشرتوني المتهم باغتيال بشير الجميل الذي انتُخب رئيساً للجمهورية تحت الحراب الإسرائيلية صيف 1982، أراد كسر الصمت الذي يلفّ به نفسه منذ سنوات، ولم يخرقه إلا لماماً. منذ أن خرج من سجن رومية إثر سقوط حكومة العماد ميشال عون سنة 1990، يعيش الشرتوني بعيداً عن الظهور الإعلامي والسياسي والحزبي. يمضي أجمل أوقاته مع عائلته، كاتباً وقارئاً ومتابعاً لأدق التفاصيل اللبنانية والعربية ويوميات فلسطين. تحدّث لـ«الأخبار» عن الماضي والحاضر والمستقبل، وعن ملفه الذي نسيه رفاق الدرب وكل المقاومين والمناضلين عمداً أو تجاهلاً أو عن غير قصد. هو لا يخفي أسئلته الواضحة والصريحة والجريئة عن سرّ تجاهل قضيته منذ 30 سنة.
حبيب الشرتوني المقاوم والرافض أن يحوله الرفاق والأصدقاء والمحبون إلى أيقونة أو رمز، لا يجد سوى المقاومة خياراً وحيداً لإحقاق الحق والانتصار على العدو الإسرائيلي وعملائه في الداخل. وهو لا يخفي فرحته حين تسأله عن رأيه في إطلاق الرفاق والأصدقاء من مختلف العقائد والأيديولوجيات والطوائف حملة العدالة له. يقول: «لا يمكن تسميتها حملة دعم؛ لأنه لا جهة رسمية أو حزبية أو طائفة تقف وراءها، كذلك لا يمكن تسميتها «قضيتي»؛ لأنها ليست قضيتي الشخصية في الأصل، بل هي قضية الوطن والمجتمع الذي كان مهدداً بمرحلة أراد العدو فرض شروطه خلالها على المنطقة بأسرها». ويضيف: «هناك مجموعة أصدقاء من الوطنيين وغير الحزبيين، وإلى جانبها بعض الحزبيين الواعين الذين شعروا بأنهم مدينون لعمل حفظَ كرامتهم الوطنية من إذلال المحتل، وقد جمعهم هاجس مشترك عندما رأوا مستقبلاً غامضاً من خلال ما يحصل من أزمات متنوعة وما يواجهونه من صعوبات وطرق مُغلقة ومسدودة ومن تشجيع للخيانة والعمالة». ورأى أن الحملة التي انطلقت «تخدم إحقاق الحق، وتلتزم الأطر التشريعية والقانونية التي قامت على أساسها الدولة اللبنانية».




لكن لماذا تأخر إنجاز ملف حبيب الشرتوني قضائياً، وهل قوى المقاومة والممانعة مقصرة في هذا الأمر؟ يعترض حبيب هنا على تعبير الممانعة ويقول: «لم أستوعبه حتى الآن في مدى امتناعه عن قبول الأمر الواقع، بينما مقاومة هذا الأمر وهذا الواقع هو التعبير الأدقّ والأصح في رفض ما يُفرض علينا». ويضيف معاتباً أن قوى المقاومة «تجاهلت منذ البداية ملفّي ولم تجده عاملاً أساسياً من عوامل انطلاقتها الوطنية ثم الإسلامية بعد عام 1982 الذي شكّل بحكم توقيت الاجتياح خلاله مفصلاً استراتيجياً، فصلَ بين خطة إنهاء المقاومتين اللبنانية والفلسطينية مع إضعاف الموقف السوري، بغية إدخال المنطقة في عصرٍ إسرائيلي غير واضح الحدود ولا المعالم، وبين دحر الاحتلال بعامل الوقت والدخول في عصر قومي كان بإمكانه أن يحصّن جبهات الداخل ويرفع من شأن الجميع، لولا الأخطاء الفادحة التي وقعت ووضعت المنطقة مجدداً في ظل الهجمة عليها أمام حلقة صراع جديدة، مفتوحة على خيارات واحتمالات عدّة». ويسأل: «تخيل لو بقي الاحتلال جاثماً على ثلثي مساحة لبنان مع حتمية إكماله لما بدأه، وبقي بشير الجميّل على سدة رئاسة مطلقة الصلاحيات الدستورية والميدانية». يؤكد أن ملفه «ليس قضائياً على الإطلاق، بل سياسي بامتياز». ويرى أن «التشريعات اللبنانية التي تجيز في ضوء الدستور المساوي بين جميع اللبنانيين وضع القوانين الصحيحة والعادلة، تؤكد أن كل القوى والأطراف التي استفادت من إزاحة بشير واعتلت السلطة والامتيازات، عادت وتنكرت للملف الذي وجب أن يكون وطنياً لا سياسياً أو قضائياً». وقال إن «عدم إدانة العمالة، ولو كانت في أعلى الهرم، عادت وفتحت الباب واسعاً للعملاء الجدد الذين ظهروا بعد انتهاء الحرب. ولولا اغتيال عمالة رأس الهرم لما أحدثت قوانين في لبنان تدين ــ ولو من حيث المبدأ ــ الخيانة والعمالة، ولما تمّ العمل بأي منها». ويؤكد أن ما قام به لجهة «ضرب رأس العمالة في ذاك الوقت، كان ضرباً لمشروع تهويد المنطقة الساعي إلى إقامة إسرائيل الكُبرى ودويلات تيوقراطية سابحة في فلكها»




هل الرفاق في الحزب السوري القومي مقصرون في متابعة قضيتك؟ يرفض حبيب اتهام الرفاق كـ«أفراد» بالتقصير. «الرفقاء كأفراد لا يلامون على أي تقصير حصل معي أو مع ذوي الشهداء أو حتى مع عائلة أنطون سعاده. وهم طوال تاريخ الحزب لم يقصّروا في أداء واجبهم القومي، بالرغم من التضحيات غير المحسوبة التي تحمّلوها». يضيف: «لكن المؤسسة الحزبية التي تمثلهم رسمياً، كانت قد انحرفت تدريجاً عن المبادئ والهدف الذي وضعه الزعيم، حتى عندما كان لا يزال على قيد الحياة. ووفق تركيبة بلادنا السياسية الزاخرة بالاعتبارات والمصالح الفردية، هي المقصّرة بالدرجة الأولى والأخيرة؛ لأنها أمست في نهاية المطاف مؤسسة سياسية تخدم مصالح أفراد، ولا تتوانى في أية مناسبة عن تباهيها ببطولات القوميين وتنكرها في آن واحد لهم وللذين ضحوا طوال تاريخ الحزب حتى لا تضطر إلى الاعتراف بهم أو التعويض جزئياً عليهم». يستطرد قائلاً: «لن تتوانى غداً عن القول إن حبيب الشرتوني ليس هو المجيب عن أسئلتكم، بل هذا المحاور منتحل صفة، فلا وجود لي بالنسبة إليها منذ 1982».
يؤكد الشرتوني أنه غير مقيم في لبنان منذ عام 1990 و«قبله كنت في المعتقل»، و«أنا بعيد عن الساحة اللبنانية منذ 30 عاماً بالرغم من تصريحات آل الجميل الصحافية ومسؤولي الكتائب عن تجوالي بحرية في لبنان واجتيازي الحدود متى شئت، وعن رؤيتهم لي في الأشرفية وما شابه من كلام لا يهدف إلا إلى إثارة النعرات والغرائز التي تقوي الأحزاب الطائفية التي يفترض تسميتها الأحزاب الدموية».
كيف يرى الشرتوني مشاركة القوات اللبنانية اليوم في السلطة؟ يجيب: «صحيح أن بشير (الجميّل) قد أسس القوات (...) وقد تميّزت كوحدات مركزية تابعة للمجلس الحربي عن بقية الميليشيات اللبنانية بحجم التنظيم لديها وبحجم المجازر والجرائم أيضاً التي ارتكبتها في زمن الحرب، لكن عندما انتهى مشروع بشير الجميّل الذي تحوّل إلى مشروع إسرائيلي ـــ أميركي، ولو بتمويل عربي أحياناً، أمسى حزب القوات حزباً لبنانياً بمكوّنات طائفية كمعظم الأحزاب اللبنانية الأخرى، ولم يعد من الجائز اتهامهم إلى الأبد بالعمالة، وخصوصاً بعد أن نبتَ العملاء من كل حدبٍ وصوب، وصارت هناك أحزاب إسلامية تشاركهم توجههم السياسي المؤيد للاستقلالية، لكن تحت راية السياسة الغربية والخليجية بصفة عامة». يشير إلى انتخابات الكورة الأخيرة كمثال على تنظيم القوات اليوم ويقول: «شاهدنا في الأمس مدى دقّة تنظيمهم ومعرفتهم بإدارة اللعبة السياسية والتأثير على المزاج العام، بحيث استطاعوا الفوز في قضاء يُعَدّ شعبياً أو تاريخياً مؤيداً للحزب القومي، فيما تعرّض هذا القضاء في ما مضى ولهذا السبب تحديداً لعدد من اعتداءاتهم مع حلفائهم».
لا يخاف الشرتوني على المقاومة في لبنان. ويقول: «لست قلقاً عليها؛ لأنها متجذرة من ثلاثينيات القرن الماضي تحت أوجه عقائدية متنوعة». يؤكد أن مرحلة بناء الدولة القادرة على خوض الحرب وامتلاك القدرات الكاملة ومقاومة أعداء البلاد والطامعين بها «هي أشد مقاومة، وهذا ممكن لشعب سطّر أعتى البطولات وأعظمها».
يرفض الخوض في تفاصيل عملية اغتيال بشير الجميّل، فهي تحتاج «إلى سرد طويل، ولذلك سأرجئ الحديث عنه إلى وقت لاحق».







إذا عاد بك الزمن إلى الوراء، فهل ستنفذ عملية الاغتيال؟ يجيب: «لن يعود الزمن إلى الوراء، ولست هاوي اغتيالات، لكن اقتضت مني التضحية؛ لأن مصرعه أنقذ البلاد بالرغم من اعتباره عند أقلية قائداً للمقاومة المسيحية، وكأن هناك احتلالاً إسلامياً للمنطقة استوجب قيام هذه المقاومة أو أننا نعيش في القرون المظلمة وسط حروب دينية، لا في ظلّ جمهوريات أو قوميات أو مجتمعات، إنما فقط وسط فئات دينية متناحرة. أو كأنّ المقاومة تقتل الناس على الهوية وتستبيحُ أملاكهم وأعراضهم وتعادي مداورة كل فئات الشعب، بدل أن تدافع عنها. إنها المدرسة الانعزالية التي أخذت مجدها قبل أن تليها زميلتها السلفيّة أو التكفيرية في صناعة الأمجاد، وكلتاهما خطرٌ على مجتمع مؤلف من الأقليات».


عتب على القومي


حبيب الشرتوني عاتب بشدة على الحزب السوري القومي الاجتماعي. يقول: «اعتبرني الحزب منذ 1982 عبئاً عليه وتنكّر لي إلاّ من باب التباهي بالبطولة الآتية هكذا من خلف الضباب والسحاب وعلم الغيب. بينما كان هاجسي حمايته وعدم تعريضه أو تعريض أي فرد من أفراده لأي أذى. ومع الوقت اقتنع الناس أنني فتحت بطولة على حسابي، وهذا التعبير الساخر لسعيد ميرزا». ويتابع: «بعد ثلاثين عاماً من السجن والتعذيب والنفي وخسارة أهلي وأربعة أفراد من عائلتي وكل ما أملك، وعدم تكبيدهم أي خسارة، انزعجَ خاطرهم من تعبير صغير قلت فيه: نفّذت ما طُلب مني تنفيذه!». ويختم: «أنا أعتبر أن فكر أنطون سعاده ملك الإنسانية، ومسألة الوحدة القومية في بلادنا هي مسألة فلسفية واجتماعية تخاطب زمناً لم يأت بعد، ولن تحتاج تلك الوحدة المستقبلية اليهم ولا إلى جميلهم، بل عندما سيقتنع الشعب بها كما اقتنعت شعوب كثيرة، سيحققها من تلقاء إرادته وذاته، لأن هناك مراحل طويلة لا بدّ من اجتيازها قبل ذلك».
حبيب الشرتوني

السبت، 16 يونيو 2012

الهلال الخصيب



                                                                            
تعريف :
الهلال الخصيب هو المنطقة التي تضم بلاد ما بين النهرين، وبلاد الشام، . هذه المنطقة كانت شاهدة لما يعتبر أنه أقدم حضارات العالم وأهمها. سوريا، لبنان، فلسطين ، الأردن، العراق، الكويت، قبرص، سيناء. المصطلح صاغه جيمس هنري برستد عالم الآثار من جامعة شيكاگو حوالي عام 1900. [1] وقد استخدم هذه التسمية أيضاً أنطون سعادة، مؤسس وزعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي ينادي بوحدة الوطن السوري (الهلال الخصيب). 
بداية ألمقال: 

لم يعد خصيبا فقد تصحر وزحفت الرمال عليه، ولم يعد هلالا فقد تآكل بفعل فاعل وأصبح أقرب لمحاق،بعد أن كان مرشحا ليصبح بدرا، والمحاولات الدؤوبة جارية لمحو بقية المعلم الذى كان هنرى برستيد أول من أسس لتسميته )الهلال الخصيب)، من ساحل الابيض ودلتا النيل فى الغرب إلى جبال زاجروس فى الشرق مرورا بفينيقيا وآشور، اى شمال مصر وفلسطين (التاريخية) وسوريا )الكبرى)، فسكان دائرة الرمال البيضاوية ايقنوا مبكرا الخطر المحدق بهم فيما لو استمر زحف تأثير بؤر هذا القوس الناهض فى هذه البقعة الخضراء التى بدأت فى حصارهم بما يشبه هلال يحوط بصحرائهم من الغرب والشرق والشمال، هذه البؤر التى باتت تضيئ فى القاهرة ودمشق وبغداد وبيروت، وبدأ نورها يشع ثقافة وازدهارا، مسرح وسينما ومطابع وترجمة وصحافة وشعر ورواية ونقد وقطن وقمح وسكك حديد وكهرباء.


وكانت هذه البؤر تستمد قوتها من الاتصال المباشر بالمناطق المـزهرة فى العالم الجديد التى بدأت فى جنى ثمار الثورة التى اندلعت فى كل أوربا وأزاحت فى طريقها الهادر كل مايشتبه أنه قد يعيق هذه الشعوب عن بلوغ أهدافها فى النهضة التى تمنتها ودفعت فيها ثمنا باهظا، وكان سكان الصحراء على يقين أيضا أن أعراق قاطنى هذا القوس (وهم حسب الجغرافيا البشرية من الفينقيين والآشور والفراعنة) هذه الاعراق تكن لهم عداءا كامنا بسبب الفارق الحضارى والثقافى الشاسع، بالإضافة إلى حتمية المبدأ الأزلى وهو الصراع الحتمى المستدام مع كل الاعراق التى وجدت فى طريق العرب يهود وفرس وإغريق وروم وأمازيج وقبط ونوبيون وأفارقة وآشور وكلدان(نصيرنا فى هذا الطرح هو ابن خلدون)، فلم يتواءم العرب مع أى عرق قبل الاسلام، أما بعد الاسلام فقد وجدوا من التخريجات الكثير لتبرير هذا الصدام مع الجميع حتى من توحدوا معهم فى العقيدة ( ولازال ابن خلدون هو مصدرنا ).






من هنا بدأ الصراع بين التيارين تيار النهضة القومى الذى استشرى فى الهلال الخصيب وأعراقة التى أشرنا إليها والمجبولة على انماط من الثقافة والرقى يشهد لهم به رصيدهم الحضارى الضارب فى التاريخ، وتيار العرب الأقحاح قبائل عدنان وقحطان سكان شبه دائرة الرمال البيضاوية المسماه بجزيرة العرب والذين تقوقعوا فى وسطها القاحل تاركين آلاف الكيلومترات من السواحل التى تحيط بهم من ثلاث نواح متحدين كل نظريات وقواعد الجغرافيا البشرية المتعارف عليها التى تستوجب استيطان الشواطئ كأولوية لتسهيل التواصل والتبادل التجارى والمعرفى والثقافى مع الآخرين، لكن قليلون هم من اكتشفوا أن السبب الرئيس فى ذلك هو هذه العوامل بالذات فقد كان الخوف من (الاختلاط) هو الهاجس المسيطر منذ فجر التاريخ (وحتى اليوم) باعتباره مكمن الخطر الداهم على عاداتهم وتقاليدهم وثقافاتهم، وعدا بعض قبائل ظفار التى تواصلت مع محيطها الجغرافى سياسة واقتصاد وثقافة انكفأت بقية القبائل على الاختباء فى قلب البادية الجدباء أما من تطلع منهم لمستقبل أفضل فكان عليه أن يغادر إلى الابد، وحتى هؤلاء عندما غادروا إلى العالم الجديد فى مصر والشام والعراق لم يتخلوا عن الهاجس نفسه.


ومنذ أوائل القرن المنصرم تبلور الصراع بين الفريقين كل يدافع باستماته عن هويته وثقافته وعرقه، فالعرب ايقنوا أن ثقافاتهم فى خطر داهم اذا ما استمر دعاة القومية الساعون لتذويب التضاريس الجغرافية والثقافية الوعرة بغرض إنشاء كيان ينهض على دعائم العدل والمساواه، ولا غرو أن يكون الداعية الاول لهذا التيار هو الشاب المسيحى ابن سوريا الكبرى أنطون سعادة، الذى رسم خريطة واضحة المعالم لكيان لو قدر له أن يرى النور لكان أمة عظيمة تملك أربعة انهار وتطل على بحرين ومحيط وظهير صحراوى شاسع وخليط فسيفسائى متفرد من الاعراق والعقائد والثروات وحدود طبيعية من خليج السويس والبحر الاحمر شرقا وجبال طوروس شمالا والخليج العربى وجبال زاجروس غربا وبحر العرب وخليج عدن جنوبا، ولو تحقق حلم الشاب الثائر لتغير وجه التاريخ فى هذه المنطقة المنكوبة وأظن أنه لم يغب عن فكره أيضا أن مستقبل التنوع الثقافى والعرقى والدينى فى هذه البقعة مهدد اذا لم يلتئم شمله تحت مظلة كيان يحتوى الجميع متساوين فى الحقوق والواجبات، لكن أعداؤه اجتمعوا عليه مع أنهم كانوا فرقاء ألداء فاليهود خشوا على خططهم فى إقامة دولة، والعرب خشوا على شبه الجزيرة من أفكار هذا (العلمانى الكافر)،






أما الفرنسيون المستعمرون فقد نسقوا للجميع كيف يقتلوه،وقتلوا أنطون سعادة كما قتلوا كل من سبقه وتلاه وكل من تجرأ على التفكير فى مستقبل أفضل لهذه البقعة المنكوبة من هذا الكوكب، ومع أننى لست من أنصار التفسير التآمرى للأحداث إلا أن أحداثا بعينها تضطرنا اضطرارا لإعادة النظر فى المبدأ نظرا لعوامل تتجمع فى الافق أحيانا وتترابط مع بعضها البعض بحيث ينتفى معها أى محاولة لإضفاء رابط العشوائية على تلك الأحداث، فعندما حاول جمال عبد الناصر إحياء نفس الفكرة ومع أول خطوة على الارض إتحد ضده نفس الاعداء وبنفس الاسباب،وفى هذه المرة لم يقتلوا شخص بل قتلوا أمه بأكملها.وضاعت آخر الفرص ضاعت الى الابد وحدث ما حذر منه انطون سعادة وتوقعه جمال عبد الناصر تقاتل سكان دائرة الرمال وقسموها بين القبائل،والامريكيون احتلوا نصفها بمنصات الصواريخ ومنصات النفط والنصف الباقى بات تحت رحمة الفرس، وتقاتل الشوام وضاعت فلسطين وضاع مابين النهرين وتشظت سوريا الكبرى ومصر سائرة على الدرب بنجاح منقطع النظير، ونجح العرب فى طرد اليهود من بلادهم وأهدوهم (هم وليس غيرهم) فلسطين وطنا وهاهم على نفس الدرب سائرون مع بقية الاعراق، قتل وذبح وتهجير لتطهير (بلاد العرب) وليضيفوا (خصلة) جديدة إلى سابق خصالهم التى سردها ابن خلدون بالتفصيل، ابن خلدون الذى عرفناه من خلال أدباء ومفكرى الهلال الخصيب: المصرى الازهرى طه حسين والسريانى اليسوعى اغناطيوس عبده والعراقى ابن هارفارد محسن مهدى وغيرهم من أبناء الهلال الذى كان يوما خصيبا تربة وثقافة وبشر وفكر ومعتقد وزحفت عليه الرمال كثبانا كثبان، طمرت مروجه الخضراء وأطفأت بريق بؤر النهضة واحدة تلو الاخرى، إحترقت بغداد واحترقت بيروت ولعلكم تشاهدون الآن ألسنة اللهب تتصاعد من دمشق والقاهرة ووداعا لهلال أنطون سعادة وداعا لهلال جمال عبد الناصر وداعا....الهلال الخصيب. 
 عيد اسطفانوس
نحن مع ألكاتب فيما جرى ويجري للهلال ألخصيب وهذا ألتكالب من قوى ألتخلف ألصحراوي لن تزيد أبناء ألهلال ألخصيب إلاّ إصرار وعزمآ وقوة في ألمضي قدمآ في مشروع نهضة ألأُمة ألسورية.

الجمعة، 8 يونيو 2012

مؤتمر القومي: حردان أمام انتخابات جدّية



لم يكن احتفال الحزب السوري القومي الاجتماعي في عكار منتصف الشهر الماضي مزحة: حضرت هناك بالفعل مئة سيدة، ونحو مئتي طفل لم يبلغوا الخامسة عشرة من عمرهم. باركت الأمهات ذهاب الأطفال إلى الاحتفال رغم كل المخاطر التي حامت حوله. ورغم تحفظ القوميين على العبارة التالية، فإن «غالبية الحاضرين كانوا من الطائفة السنية». يصعب على المشاهد، فكيف بالقارئ، التصديق. ثمة حزب ــــ ليس فيه مسؤول كاريزماتي واحد اليوم، ولا يملك تلفزيوناً، فيما يكتب النائب السابق ناصر قنديل افتتاحية أسبوعية في صحيفته، وخطابه السياسي غير مذهبي، ولا يوزع السلاح بوتيرة غيره، ولا يفرّغ غير الحد الأدنى من الشباب، ويأخذ أرواحاً وأشياء أخرى (في عكار أقله) أكثر بكثير مما يعطي ــــ يجذب إلى مجزرة متوقعة مئة سيدة ومئتي طفل. مرة أخرى: ثمة حزب يرأسه النائب أسعد حردان الذي نادراً ما يطل إعلامياً وسياسياً لتحظى الأجيال الطالعة بفرصة التعرف إليه، حزب تناسى منذ أكثر من عقدين العمل العسكري المقاوم، حزب يعلم من يرى مسؤول الشباب فيه أين اختفت منظمة الطلاب، حزب لا يصدر بياناً من دون أن يفرغ أحد مسؤوليه كل ما في جعبة الممانعة من أخشاب. هذا الحزب يستقطب منتسبين جدداً في مقتبل العمر.



هذا جزء من الصورة. في جزئها الآخر نقاش يحتدم في أكثر من صالون قومي يتعلق باكتشاف النظام السوري في سوريا وحلفائه اللبنانيين في لبنان أن القوميين هم الثابتون الوحيدون على مبادئهم في مناطق الجنون المذهبي. ولو كان القومي أقوى سياسياً وشعبياً، لكان التوازن أكثر جدية بين القومي والقوى المذهبية في بعض المناطق السورية واللبنانية.
بنتيجة الصورتين السابقتين، ثمة قومي يشعر بخطورة المرحلة وقومي مستهتر. قومي يقدّر حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه وآخر يحذر من أن يُدفّعه النظام السوري ضريبة الحرب بعد أن دفّعه ضريبة السلم. قومي يريد أن يستغل اللحظة ليتوسع شعبياً محاولاً احتضان كل من يرى نفسه خصماً للسعار المذهبي ــــ السياسي القائم، وقومي يريد أن يحفظ رأسه. وبين كل قومي وآخر، قومي مصلح أو قومي «معصّب» أو قومي وصولي. لكن، وبدل أن يفترق هؤلاء كما يحصل في غالبية الأحزاب الأخرى وكما سبق وحصل في الحزب القومي نفسه مرات عدة، تراهم في نهاية هذا الأسبوع يجتمعون على أرض أنطون سعادة في بلدة ضهور الشوير المتنية، ليعقدوا يوم السبت مؤتمراً عاماً يتحدث فيه رئيسا السلطة التشريعية في الحزب محمود عبد الخالق والسلطة التنفيذية النائب أسعد حردان. يليه، الأحد، دورة للصندوق الانتخابي على المندوبين (عددهم في القوائم الانتخابية 381) والأمناء (عددهم 420) لينتخبوا سبعة عشر من رفقائهم، يمثلون المجلس الأعلى للحزب القومي الذي يلتئم بدوره خلال عشرين يوماً لينتخب رئيس الحزب.
ووسط هؤلاء يبدو أن حردان بات مضطراً إلى خوض انتخابات جدية ليحافظ على موقعه زعيماً للقوميين.
لا لوائح بالمعنى التقليدي للكلمة، وإنما مجرد تحالفات أولية لن تتبلور ملامحها النهائية قبل اليوم. الأكيد أن فريقين يخوضان الانتخابات هذه المرة، للمرة الأولى منذ أكثر من عشر سنوات. الفريق الأول يرأسه حردان ويضم الوزير علي قانصو، النائب السابق غسان الأشقر ورئيس المجلس الأعلى الحالي محمود عبد الخالق، إضافة إلى عشرات القوميين، سواء الذين شابوا في خدمة القيادة مثل نائب رئيس الحزب توفيق مهنا وعميد التربية صبحي ياغي، أو الذين يشبون على ذلك مثل عميد الإذاعة والإعلام حسان صقر وعميد الاقتصاد قيصر عبيد. فيما عرف الفريق الثاني كيف يلمّ شمل المستائين من القيادة الحالية والمتضررين منها والمبعدين عن مراكز صناعة القرار، من دون أن يقدم هذا الفريق رمزاً له. يسجل أحد المتابعين ما سبق كنقطة إيجابية للشباب الذين يتقدمهم في النقاشات مجموعة أمناء مثل أحمد أصفهاني ومحمود خريباني وربيع زين الدين ووليد عبد الرحيم وإيلي الغصّان. وهؤلاء «حريصون على عدم تحويل المعركة من سياقها الحالي، كتنافس لإعادة الحزب إلى منطلقاته الأساسية وإصلاح وضعه الإداري، إلى معركة شخصية ضد النائب حردان». أما ثالث الايجابيات فتكمن في كلام المقربين من حردان أنفسهم عن رفقائهم المتحمسين: ينتقد هؤلاء برنامج الشباب لاتكاله على كلمة «يجب»، بدل تقديم رؤية وتعداد الموارد والالتزام بجدول زمني لتنفيذ الأحلام، ومن دون أن يقدموا برنامجهم المضاد المتكامل. ويقول من يتولون قيادة الحزب، بشكل أو بآخر منذ أكثر من 15 عاماً، إن «الشباب مجربون». مع تأكيد هؤلاء أن القيادة الحالية التي تشتهي التجديد تعلم أن الإصلاح والتطوير ضروريان، وهي تبذل جهداً كبيراً على هذا الصعيد، لكنه يبقى محكوماً بالإمكانيات المتواضعة للحزب.
السبت المقبل سيحضر القوميون من كل لبنان وغالبية سوريا وبعض فلسطين ودول الاغتراب. يحمل أحد رؤساء الحزب السابقين حلاً في جيبه يوائم بين طموحات المتصارعين. لكن في حال عجز عن إخراج يده من جيبه، فإنها لن تكون نهاية أسبوع عادية في ضهور الشوير: فوز القيادة الحالية يعني نزوع مجموعة جديدة عاجلاً أم آجلاً إلى قوائم القوميين المحبطين اجتماعياً وحزبياً. أما خسارتها فتعني أن أولئك الأطفال الذين كانوا يهتفون بحماسة في حلبا: «ما نريده هو ما نحن» كانوا يعلمون معنى ما يقولون.
غسان سعود


الجمعة، 13 أبريل 2012

إذا كان الإعلام السوري كاذباً .. فماذا عن الجزيرة؟!


هل سألتم أنفسكم: لماذا لم تقل الجزيرة : الإعلام المصري كاذب والإعلام التونسي كاذب والإعلام الليبي كاذب والإعلام اليمني كاذب واكتقت بتوجيه تهمة الكذب للإعلام السوري؟
 الجواب ببساطة لأن أياً من هذه الدول المذكورة (مصر وليبيا واليمن وتونس) لم يستطع إعلامها أن يسجل أي نقطة في تصديه لضربات الجزيرة الاحترافية ، فإعلام كالإعلام المصري الذي يعتبر أقدم مدرسة عربية ، لم يتمكن من رد اتهامات الجزيرة أو حرف أنظار المتابعين باتجاهه ، مع أنه يملك كادراً ضخماً وإمكانيات هائلة وتاريخاً عريقاً وعدداً كبيراً من المنابر المرئية والمسموعة والمكتوبة... الجزيرة التي انتفخت كثيراً بعد انتصاراتها السهلة على منافسيها لم تكن تتوقع أن تكون الضربة القاضية على يد الإعلام السوري الذي لا ننكر أن فيه الكثير من المآخذ التي لم تكن ترضي حتى العاملين فيه ، لكنه كان مختلفاً في تعاطيه مع مسألة الوطن فأبلى بلاء حسناً أقض مضاجع رؤوس الجزيرة فبدؤوا يشنون الحملة المسعورة على الإعلام السوري وحده دون غيره، وخاصة عندما استطاع أن يفضح ألاعيب الجزيرة في عدد من القصص التي أملت الجزيرة أن تحقق بها ضربة صحفية بارعة تهوي بإعلام سورية ومن بعده بكامل سورية إلى الجحيم المنشود قطرياً.

 على سبيل المثال لا الحصر ، قضية زينب الحصني وكم التقارير الكبير الذي أعدته الجزيرة لتجييش العواطف تجاه هذه الضحية المسكينة التي اغتصبت وقتلت وقطعت وحرقت على قناة الجزيرة ، لكنها ظهرت حية ترزق على التلفزيون السوري بشحمها ولحمها ، وتعرفت عليها كل جمعيات حقوق الإنسان في العالم ، وأقرت وسائل الإعلام التي تحترم اسمها بصدقية ما جاء في التلفزيون السوري وكذب افتراءات الجزيرة ، فما كان من الجزيرة إلا أن حركت عملاءها على الأرض لتزيد من وتيرة اتهام الإعلام السوري بأنه كاذب !!

     
  زينب الحصني كما ظهرت في التلفزيون السوري .. والجزيرة والعربية لم ينفيا خبر مقتلها

 وخرجت مظاهرات في مناطق معروفة للجزيرة ومجهولة للسوريين تحمل لافتات بحجم الفيلة وقد كتب عليها: الإعلام السوري كاذب، ووحدها الجزيرة نقلت هذه المظاهرات على الهواء!! ويوم أمس 10-3-2012 تنصل فيصل القاسم -وهو أحد أهم الأعمدة في الجزيرة -من قصة زينب الحصني ، وكذب على الملايين بأنها لم تذكر في برنامجه أبداً ولم يتطرق إلى ما جرى لها ، مع أن الكل يعرف أن تلك الحلقة استضافت كومبارس الجزيرة رئيس تونس الحالي المنصف المرزوقي في مواجهة طالب إبراهيم، فهل ما زال القاسم متناسياً ؟؟

 فضيحة أخرى للجزيرة كانت في رواية مقتل الطفل ساري الساعود على يد الجيش السوري واللقطات التي عرضتها الجزيرة لأمه الثكلى تبكيه بين مجموعة القتلة ، وأظهرت المشهد على أن الطفل الشهيد استهدف من قبل الجيش السوري مثل كل سوري حر شريف! ودون تمييز لدين أو طائفة -يحسب الجزيرة طبعاً-!! لتظهر الأم الثكلى بعد يوم واحد وتحكي ما جرى معها وتلوم خروج الجيش السوري من "الحواير" مما أدى إلى النهاية المأساوية لولدها ،فلو "بقي الجيش لما مات ساري" كما قالت، بخلاف رواية الجزيرة ، ثم لتتهم الجزيرة بالمشاركة في قتل ابنها لأنها عرضت الصور مباشرة حتى قبل أن يعلم بقية أفراد أسرة الطفل الشهيد بما جرى.. وأيضاً بعد هذه القصة بدأت الجزيرة حملة رفع اللافتات أن الإعلام السوري كاذب ، و"شكراً يا جزيرة"!!

قصة ثالثة أسقطت أسطورة الجزيرة هي قصة أحمد البياسة الذي تزج الجزيرة باسمه دائماً على أنه ذلك الشاب الذي انتهكت كرامته على أيدي بعض "الزعران" المسيئين للأمن السوري وعرضت صوره حتى على التلفزيون السوري في دلالة على رفض هذا الفعل، واتصل أحد الأشخاص بالتلفزيون من العراق ليدعي أن المشهد حصل هناك ، ومع ذلك طالب التلفزيون السوري كل من يعرف أحداً من الأشخاص الظاهرين في الصور أن يبادر بالاتصال من أجل الاستيضاح. الجزيرة لم تأخذ من كل هذا سوى اتصال الشخص العراقي الذي ألصق الحادثة بالبشمركة، ونسجت حول هذه القصة مأثرة زائفة تلاشت حتى انعدمت عندما استمرت الجزيرة في المتاجرة باسم هذا الشاب وبدمه ، فقررت عمل قصة تراجيدية حول آخر أيام عاشها هذا الشاب في مبنى المخابرات العامة في كفرسوسة مع تحديد رقم الطابق والغرفة التي لفظ فيها انفاسه مختنقاً بحذاء اللواء "علي مملوك" الذي داس حنجرته حتى الموت..وأسندت كتابة هذا التقرير إلى كبير كتابها الصحفي الإخونجي فوزي بشرى ، لتضيف فوق كل هذا أن لديها أشرطة مسربة لهذه الحادثة الفظيعة وأنها لن تعرضها حرصاً على المشاعر! واستضافت للتعليق على هذه القصة تاجر البشر المعروف عمار القربي الذي ادعى أنه هو من قام بتسريب الأشرطة، لكن المفاجأة كانت بعد ساعات من عرض التقرير على الجزيرة أن ظهر البياسة حياً وبشحمه ولحمه يتحدث عما رآه على شاشة الجزيرة !!!

          
    الجزيرة منبر ألكذب وألفبركة ألمفضوحة

وحتى اللحظة ما زلت أنتظر رؤية الأشرطة التي تمتلكها الجزيرة. وبعد هذه القصة أيضاً استعر شعار "الإعلام السوري كاذب" وصار الهتاف الأول في المظاهرات المنقولة على الجزيرة وفي رسائل الsms المرسلة إليها من كل حدب وصوب ، من داخل مكاتب القناة ومن خارجها. طبعاً هذا غيض من فيض ، وهناك عشرات الفصص من قصة هلا المنجد إلى قصة سجون اليمن التي تبين أنها في العراق ومن أرشيف قناة العربية ! ،إلى قصة احتلال الساحات في دمشق إلى إلى إلى.. والقائمة تطول جداً. ألم يكن من الإنصاف أن تقول الجزيرة على الأقل "الجزيرة كذبت مرة" ؟ لا نريدها أن تقول عن نفسها إنها كاذبة، فهذا أمر مفروغ منه، ولكن على الأقل أن تمر على كذباتها، ولو حتى بمبرر من قبيل كذبة نيسان أو جل الذي لا يخطئ! كما فعلت وسائل إعلام عالمية مثل zdf و bbc وabc وap و غيرها عندما أدركت انكشاف كذباتها ؟
 أليس من الإنصاف أيضاً أن تقول الجزيرة إن الإعلام البحريني الذي لا يرى 90 بالمائة من البحرينيين كاذب بل وأفاق؟! وإن الإعلام السعودي الذي يحمل جينات مسيلمة النجدي أيضاً كاذب ودجال؟! وأن الإعلام الأردني محتال وأن الإعلام الكويتي مخادع ؟؟!وأن الإعلام المغربي عميل؟! وعلى ذكر العمالة .. إحدى الضربات الموجعة كانت بانكشاف عمالة خنفر الجزيرة الأشم لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ، ولسخرية القدر فإن "ويكيليكس" التي طبلت الجزيرة وزمرت لوثائقها، هي من كشف عمالة هذا الخنفر، في الوقت الذي لم يكن يمضي فيه يوم، إلا وتنبش الجزيرة بين أوراق ويكيليكس لتأتي بفضيحة توقع بها فتنة ، فلما جاءت فضيحة خنفرها إليها تجاهلت الموضوع وكأنه لم يكن ولم تعد تنبش في اوراق ويكيليكس !!
 الإعلام السوري البسيط بأدواته أسقط هذه الظاهرة الإعلامية الفارغة المسماة بالجزيرة ، وهي اليوم تحارب لترمي علاتها على الآخرين ، وما برنامج فيصل القاسم إلا محاولة من باب آخر الطب من أجل تكريس فكرة كذب الإعلام السوري، لكن براعة رد الإعلامي اللبناني سالم زهران حينما قال للقاسم "لو ما كان الإعلام السوري زاعجك ما كنت عملت هالحلقة" ، جعلني أستشعر القاسم في داخله وقد انعقدت أمعاؤه ومن خارجه و قد تقاطرت صعلته عرقاً لأنه أدرك أنه لم ينجح في المهمة الموكلة إليه، وهو يعرف ببصيرته الإعلامية أن غرق جزيرته في مستنقع الوحل الآسن قاد بات حتمياً بسبب الإعلام السوري.
من قلم   :  دالا امير-عرب تايمز

الأربعاء، 18 مايو 2011

سورية في ذكرى النكبة... رصاص الأعداء يتوحد في الداخل والخارج


 

لم يكن إحياء ذكرى النكبة في 15أيار لهذا العام 2011 إحياء تقليدياً روتينياً كما درجت العادة على مدى سنين طويلة, بل كان إحياء له معانية ودلالاته التي وصلت إلى كل أصقاع الدنيا بعد أن بات الشعب العربي عموماً والفلسطيني خصوصاً فاقد للأمل في حل هذه القضية بالمفاوضات السلمية نتيجة الصلف والغطرسة والتعنت الإسرائيلي المدعوم بلا حدود من قبل الولايات المتحدة والعالم الغربي.
فإقتحام الأسلاك الشائكة التي بناها العدو على خطوط إحتلاله في الجولان وجنوب لبنان بدت أوهن من خيوط العنكبوت أمام إرادة شباب صمم أن يقتلعها وهو عاري الصدر وفارغ اليدين إلا من إيمانه بقضيته الذي لا حدود له, ويرفع أعلام سورية وفلسطين في قلب مجدل شمس. هؤلاء الشباب عبَّروا عن إرادة أمة بالكامل, بمعزل عن بعض حكامها المنبطحين, وأن العودة إلى فلسطين هي قضية وقرار غير قابل للتفاوض أو التنازل عنه مادام هناك دم عربي يسري في عروق ابناء هذه الأمة. فرسالتهم للعالم في 15 أيار أن صبرنا قد نفذ وأن كذب الولايات المتحدة لم يعد مقبولاً, وإنحيازها الكامل لإسرائيل ودعمها غير المحدود لها لا يغير شيئاً في المعادلة ولا يخيفنا, فحقنا في العودة إلى فلسطين لن نتخلى عنه مهما طالت السنين وازداد إجرام العدو الإسرائيلي.
ورسالتهم لبعض الحكام العرب المنبطحين أمام الأمريكي والإسرائيلي أن عيوننا تراقب وتشاهد كل شيء فإياكم اللعب بقضايا الشعوب لأنها كما السكين الحادة إن أسأتم إستعمالها فإنها تقطع أياديكم, بحسب تعبير الكاتب الجزائري الكبير الطاهر وطار.
 ما حصل في 15أيار كان استثنائياً بكل المعايير ويمكن القول أنها بداية لمرحلة نضالية جديدة من حيث الشكل والأسلوب والتكتيك وترعب الاسرائيلي أكثر مما ترعبه الصواريخ والطائرات.
كم كنا ننتظر فتوى من شيوخ التحريض الديني والمذهبي على أن يكون يوم الجمعة الأول من كل شهر قمري يوم التظاهرات والاعتصامات داخل فلسطين وعلى حدودها وفي كل العواصم العربية والإسلامية. ولكن هؤلاء غير معنيين بفلسطين ولا بالقدس لأنهم على دين أسيادهم الحكام, وإنما معنيين بتمزيق الأمة العربية والإسلامية وتشويه صورة الاسلام خدمة لأجندات حكامهم وخدمة لمصالح إسرائيل وأمريكا وإرضاء لذواتهم الحاقدة وبصائرهم العمياء. هؤلاء "المشايخ" مع الإعلام المسترزق من شيوخ النفط والغاز لاهمَّ لهم اليوم وفي المرحلة السابقة إلا الافتراء والكذب على سورية وشعبها والرقص بألسنتهم كما ألسنة الأفاعي على دم شعب سورية, فلم تحرك لديهم ذرة من أحاسيس الإنسان, مشاهد الأطفال والطفلات على صدور أمهاتهن الثكالى يبكين آبائهن من ضباط وصف ضباط وجنود ورجال شرطة وأمن بعد أن طالتهم يد الغدر والإجرام بتحريض منهم ومن حكامهم وعملائهم وأزلامهم. والمخجل أنهم يصفون المجرمين والقتلة والمهربين والمتعصبين التكفيريين ممن يرفعون أسلحتهم في وجه الدولة والشعب أنهم (ثوار), وليتهم كانوا كذلك ورفعوا شعارات وطنية وبطريقة حضارية لكنا أول من وقف معم لأن الشعارات الوطنية توحد المجتمع وأما شعارات التكفير  والفتنة وفتاوى القتل والإغتصاب ونبش الأحقاد فهذه لا يمكن لها أن تكون وطنية, إنها شعارات مجرمين وخونه ومتآمرين على وحدة الوطن وحتى لو تساهلت الدولة معهم فإن أهالي من استشهدوا على يد هذه العصابات ومن خلفهم شعب سورية لن يتساهلوا. والأنكى أنهم يرتمون بحضن الإسرائيلي و الأمريكي وعلى وعي ومعرفة من الجميع ويطلبون منهم التدخل العسكري في سورية ويتهمون غيرهم بأنهم متفاهمين مع إسرائيل للتغطية على عمالتهم وتآمرهم مستهزئين بوعي الناس وفهمهم.
ففي الوقت الذي تشير فيه صحيفة معاريف الإسرائلية يوم 9/5 "أن الفوضى في سورية تخدم اسرائيل, وأن لا أحد في اسرائيل سيذرف دمعة على تفككها ", وفي ذات الوقت الذي يصرح به رئيس الموساد السابق/مائيردوغان/ "أن اسرئيل ستكون أفضل حالاً إذا انهار النظام في سورية", فإن هذه المجموعات المسلحة تمضي قدماً في تمردها وترويع الناس وزعزعة الأمن وخلق الفوضى والتحريض الطائفي, تماماً كما ترسم إسرائيل.
 والبعض وصلت به الوقاحة والتزييف إلى حد السخرية من الإعلان عن وجود جماعات مسلحة رغم أن العديد من أفراد هذه الجماعات اعترفوا بألسنتهم عن دورهم في القتل والتخريب ومجابهة الجيش.
 لقد تابع الجميع في 15أيار كيف كان العدو الصهيوني يقتل أبنائنا في فلسطين وعلى حدودها وكيف كانت أدواتهم في الداخل تقتل أبناء القوات المسلحة السورية فكانت الصورة متكاملة بين العدو الخارجي والعدو الداخلي ضد أبناء شعب سورية ،والمقصود هنا هم فقط أولئك الذين حملوا السلاح ووجهوه للداخل .
لقد كان الحديث في الماضي حديثاً عاماً عن صراع بين مشروعين في المنطقة أحدهما أمريكي ـ إسرائيلي مدعوم من أطراف عربية, وآخر مقاوم وممانع لهذا المشروع. أما في 15 أيار 2011 فقد تفاقم هذا الصراع وتبلور كلية ليصبح مشروعاً تآمرياً واضحاً بين من يريد تحرير الأرض وحق العودة وبين من يقف في خندق العدو ويقاتل نيابة عنه كي يترسخ الاحتلال ويزول أي أمل بالعودة,وتبقى اسرائيل قوية وداعمة لأنظمتهم وعروشهم. فتحالف الملكيات(العربية) مع أمريكا وإسرائيل أصبح واضحاً وضوح الشمس, بل باتت هذه الملكيات تعلن ما كانت تخفيه من أن قوتها من قوة أمريكا وإسرائيل والعكس صحيح.
لم نسمع بعض الأقلام والألسن في السنوات الماضية إلا وهم يلومون سورية لأن جبهة الجولان(هادئة) وعندما تتحرك جبهة الجولان يكيلون الإتهامات لسورية لأنها حركت جبهة الجولان وذات الشيء ينطبق على الجنوب اللبناني, فإذا توقفحزبال عن إطلاق النار يكيلون له الشتائم والإتهامات, وإن خرجت قذيفة من الجنوب من أي طرف حتى لو كان غير حزب ال يتهمون بها حزب ال فوراً وينهالون عليه أيضاً بالإتهامات والشتائم وتعريض لبنان للخطر. إنهم في المحصلة لا يريدون مقاومة لا من حزب ال ولا من غيره ولا مطالبة بالحقوق من قبل سورية أو الشعب الفلسطيني, إنهم يريدون الاستسلام لشروط إسرائيل بالكامل بل و التحالف معها في وجه(العدو) الوهمي الذي خلقته لهم أمريكا وإسرائيل بدلاً من العدو الحقيقي الذي هو إسرائيل.
رسالة 15 أيار 2011 كانت قاسية على إسرائيل وحليفه الأمريكي الذي لا يبصر إلا بعين واحدة فقط, وازدواجية المعايير في السلوك والتصريحات باتت غير محرجة وغير مخجلة له وأخرها كان تصريح الرئيس أوباما حول التظاهرات على حدود فلسطين. فإسرائيل اعتقدت أن الشباب الفلسطيني في الخارج نسوا فلسطين وأنهم في الداخل قادرين على لجمهم وتطويقهم, بل وحتى الحد من نسلهم وتسبيب العقم لبناتهم بالطرق الإجرامية التي اتبعوها في أوائل الثمانينيات عندما كانوا يضعون مواد مشعة على نوافذ مدارس البنات في الضفة الغربية مجرد استنشاقها تسبب العقم لدى البنات. وهذا نفس الأسلوب الذي استخدمه المستعمر الأمريكي ضد الهنود الحمر حيث أبادوا مائة مليون هندي أحمر وإحدى طرق الإبادة كانت وضع مواد مشعة في مياه الشرب في أماكن تواجدهم التاريخية في ولايات: أوكلاهوما ونبراسكا وداكوتا الجنوبية والشمالية, وولاية واي أومنغ, وإنديانا, تسبب العقم والإجهاض أو ولادة جنين مُشوَّه وهذه المعلومات من ناشطين من الهنود الحمر المتبقين أنفسهم. وفوق كل هذا يحدثونك عن حقوق الإنسان !!!!!!.
إن ما حصل في سورية خلال هذه الفترة أوضح جلياً مدى عشق السوريين لوطنهم, والعشق هو أقوى ضروب الحب, بل هو الإفراط في الحب, وعشق الأرض والوطن من أصدق ألوان العشق, وما بالغ أحمد شوقي عندما قال:
       وطني لوشُغلت بالخلد عنه                 نازعتني إليه في الخلد نفسي
هذا العشق هو ما جعل جنازات الشهداء اشبه بالأعراس الأنيقة الجميلة, فالأناقة لها أشكالها المتعددة ولكن أروعها وأجملها أناقة الإستشهاد ولعل أجمل ما ينطبق على هذه الأعراس هو عنوان الرواية الأولى التي كتبها الأديب السوداني الكبير المرحوم الطيب صالح ( عرس الزين ).... فالزين في ( عرس الزين ) هو "ولي من اولياء الله" ولعله نبي الله الخضر, أو هو ملاك أنزله الله في هيكل آدمي, وهكذا هم الشهداء الذين يستحقون منا كل الرحمة. وإلى لقاء جديد وتظاهرات واعتصامات تطوق كيان اسرائيل من كل مكان ... فهلموا يا شباب الأمة ........